جامعة إقليم سبأ… من حلم إلى منارة تضيء دروب المستقبل

بقلم: ا.م.د. علي سيف الرمال – نائب رئيس جامعة إقليم سبأ لشؤون الطلاب
في لحظة تاريخية جاءت كانبلاج الفجر بعد ليل طويل، وثقت جامعة إقليم سبأ في سجل إنجازاتها المتوالية واحدة من أجمل لحظات تاريخها الفتيّ، وهي تزفُّ أكثر من ألفٍ ومئةٍ وتسعة وثلاثين خريجًا وخريجة إلى ميادين الحياة، وخلدت هذه الفرحة في احتفال بهيج حضره نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي محافظ محافظة مأرب اللواء سلطان بن علي العرادة، الذي جاء ليشارك أبناءه وبناته ثمرة سنوات من الجهد، وليشهد ولادة دفعة جديدة من صناع المستقبل.
لقد كان المشهد أكبر من حفل تخرج؛ بل كرنفال مهيب جسّد بحيثياته شهادة انتصار جامعة وُلدت من رحم الصعوبات في زمن استثنائي، وتحدّت كل القيود، ونسجت لنفسها مكانًا بين الصروح الأكاديمية العريقة.
كيف لا، وقد جاءت جامعتنا الفتية ترجمة لرؤى الذين آمنوا بأن العلم وحده يصنع الطريق ويعبد المستقبل، وثبت لنا جميعا أنها لم تكن يومًا فكرة على أطراف الحلم، ورغبة تختبئ خلف ركام الحرب؛ بل أصبحت حقيقة ترى رأي العين وهي تقف اليوم شامخة مفتخرة مباهية بتخرج الآلاف من طلابها في مختلف التخصصات.
كلمات اللواء سلطان العرادة في الحفل، لامست قلوب الحاضرين، إذ أكد على أن التعليم هو حجر الزاوية في بناء الدولة، وهو السبيل الأمثل لاستعادة الوطن وفتح أبواب التنمية المستدامة، وقف شامخا وهو يتحدث بثقة القائد وبمشاعر الأب، مشددًا على أن اليمن يعوّل على هذه الكفاءات الشابة التي تقف اليوم في ميدان شرف العلم، وأن دعم المؤسسات التعليمية سيظل خيارًا وطنيًا ثابتًا، فبالعلم تنهض الشعوب وتستعيد الدول مكانتها وقدرتها على مواجهة التحديات.
بالأمس القريب كانت أمنية تراود أبناءها، واليوم غدت واقعًا نابضًا بالحياة، وكيانًا يضجّ بالحيوية، ومؤسسة تعاهدت على أن تكون حاضنة للعلم، وورشة دائمة لصناعة الإنسان الذي يعوّل عليه الوطن. وما بين الأمس واليوم مسيرة طويلة من العمل، قادتها الجامعة رغم وعورة الظروف وشح الإمكانات، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من قوة تنظيم، وتميز أكاديمي، وتوسع في البرامج والمشاريع والبنية التحتية.
لقد حملت الجامعة على عاتقها منذ تأسيسها مسؤولية كبيرة، ومسيرة مضنية من البناء المؤسسي، بدءًا من إعداد لوائح الهياكل الإدارية، مرورًا بتنفيذ استراتيجيتها الأولى، ووصولًا إلى البدء بإعداد استراتيجيتها الثانية بما يتوافق مع متطلبات العصر.
وتشهد اليوم تنفيذ مشاريع بنية تحتية نوعية، من بينها المخطط العام للحرم الجامعي الجديد، والانتهاء من بناء كلية الحاسوب، وبدء تنفيذ الطريق الرئيسي للجامعة، واعتماد إنشاء عدد من الكليات الجديدة، إضافة إلى مشروع البرجين السكنيين لهيئة التدريس، وهي مشروعات تعكس رؤية واضحة للجامعة وإصرارًا على توفير بيئة تعليمية متكاملة تليق بمكانتها ودورها.
إذا كانت الإدارات تصنع الإطار التنظيمي، فإن قلوب الطلاب وصبرهم وطموحهم هي الروح الحقيقية التي نبضت في هذا الحفل، الفرح الذي كان يملأ الساحة كان خلاصة ليالٍ طويلة من السهر، وسنوات من المثابرة، وأحلام امتدت من المقاعد الدراسية إلى فضاءات العمل.
هؤلاء الخريجون هم الواجهة الحقيقية لإنجازات الجامعة وثمرتها الأهم، يحملون معهم رسالة العلم، وروح الانتماء، وإرادة العطاء، وقد صمدوا في وجه الظروف، وتحدّوا الصعوبات، ووقفوا اليوم شامخين كأنهم يكتبون فصلًا جديدًا من حكاية اليمن الذي لا ينكسر.
لم تكن الفرحة محصورة في أسوار الجامعة؛ فقد تدفقت مشاعر التهاني من كل حدب وصوب، من أسرهم، ومن أساتذتهم، ومن زملائهم، ومن كل الذين تابعوا هذا الحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يحتفون بجامعة أثبتت أن اليمن، رغم الجراح، ما زال قادرًا على الإنجاز، وعلى تقديم نماذج تليق بروح الإنسان اليمني وإصراره.
باسم جامعة إقليم سبأ، وباسم كل منتسبيها من أكاديميين وإداريين وطلاب، نرفع التحية لكل من حضر وشارك وساهم في هذا الإنجاز الكبير، تحية تقدير وإجلال نخص بها فخامة اللواء سلطان العرادة؛ نائب رئيس الجمهورية على دعمه الدائم للتعليم، وتحية لقيادة الجامعة وأعضائها الذين يعملون بلا كلل، وتحية لأبنائنا الخريجين الذين حملوا الأمل بين أيديهم ومضوا به نحو الغد، وتبقى جامعة إقليم سبأ، بكل ما فيها من حيوية وتفانٍ، وعدًا متجددًا بأن المستقبل في اليمن سيظل ممكنًا، وأن العلم سيبقى دائمًا الطريق الأوحد نحو النهضة والبناء.



